ملخص المقال
بعدما صُدمت الأوساط الاقتصادية العالمية بالأزمة المالية الراهنة، اعتبر خبراء اقتصاديون أن الأزمة فرصة ذهبية لتقديم نموذج التمويل الإسلامي للعالمبعدما صُدمت الأوساط الاقتصادية العالمية بالأزمة المالية الراهنة، تعددت الرؤى والاجتهادات التي حاولت تفسير أسباب هذه الأزمة وتقديم المعالجات والحلول الناجعة التي تحول دون تكرارها مستقبلاً. واعتبر خبراء اقتصاديون أن الأزمة الراهنة فرصة ذهبية لتقديم نموذج التمويل الإسلامي للعالم، والذي يقدم أساليب اقتصادية بديلة لنموذج التمويل التقليدي الحالي، الذي يتعرض للأزمات بسبب تنامي الاستثمار النقدي به. المرض الكامن فأكد أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور عبد الحميد الغزالي أن "المعاملات الربوية" الراهنة في النظام الاقتصادي العالمي تتحمل مسئولية الأزمة المالية العالمية، مشدِّدًا على أن تطبيق النظام الاقتصادي الإسلامي البعيد عن سعر الفائدة "الربوي" هو المخرج من الأزمة. وأوضح الغزالي في حديث مع الجزيرة نت أن قيام الاقتصاد المصرفي التقليدي على الاستثمار في النقود (القروض) هو السبب الجذري للأزمة المالية والمرضُ الكامن في النظام الاقتصادي العالمي، معتبرًا أنه يصمد لفترة زمنية معينة، لكنه "يظل حاملاً للمرض ومهدّدًا بمخاطر الانهيار في أي وقت". وأضاف أن مشكلة النظام المصرفي التقليدي قيامه بالأساس على المواءمة بين متناقضين أساسين: هما السيولة النقدية، والربحية التي تدرها القروض، فضلاً عن صعوبة إدارة مخاطر الائتمان وكفاية رأس المال التي تستوعب أي ديون رديئة. وأكد الغزالي أن الاقتصاد الإسلامي وخاصة المصرفية الإسلامية تقدم حلاًّ جذريًّا للمشكلة "لأنها تقوم على الاستثمار الحقيقي في مشروعات عينية تجارية وصناعية وزراعية، وليس الاستثمار النقدي الذي يتاجر في النقود كسلعة". وأشار إلى أنه لا حل جذري إلا بتطبيق للنظام المصرفي الإسلامي الذي يقوم على توسيع القاعدة الإنتاجية في مشروعات حقيقية تلعب فيها البنوك دور الشريك وليس المقرض، وهو نظام يحمي تمامًا من التقلبات التي تُحْدِثها التجارة في الديون. قنبلة موقوتة وذكر الغزالي بما قاله الاقتصادي الأمريكي سيمونز بأن الكساد العالمي العظيم في الثلاثينيات القرن الماضي يرجع إلى "تغيرات الثقة الناشئة عن نظام ائتماني غير مستقر"، وأن "خطر الاضطراب الاقتصادي يمكن تفاديه إلى حدٍّ كبير إذا لم يتم اللجوء إلى الاقتراض، وإذا ما تمت الاستثمارات كلها في شكل تمويل ذاتي وبالمشاركة". واعتبر أن هذا اعتراف صريح بأن المشاركة -وهي الفكرة الأساسية التي يقوم عليها التمويل الإسلامي- هي الحل الذي طرحه أباطرة الرأسمالية لأزمة مشابهة، مؤكدًا أن تجارة القروض وإن حملت ربحًا سريعًا وكبيرًا، تظل "قنبلة موقوتة". واعتبر الخبير الاقتصادي التدخل الحكومي في الأنظمة المصرفية للدول الرأسمالية يشكل تحديًا حقيقيًّا للثوابت الرئيسية للنظام الرأسمالي مثل الحرية الاقتصادية، والدولة الحارسة غير المتدخلة في النشاط الاقتصادي، مقلِّلاً من جدوى خطة الإنقاذ الأمريكية وضخّ البنوك المركزية بدول العالم مبالغ طائلة في معالجة الأسباب الجذرية للمشكلة. فرصة ذهبية من جهته قال مساعد رئيس تحرير جريدة الأهرام للشئون الاقتصادية ممدوح الولي للجزيرة نت: إن الأزمة الحالية فرصة ذهبية لتقديم الاقتصاد الإسلامي كنموذج متكامل لإدارة النظام العالمي، مطالبًا بسرعة تشكيل لجنة من خبراء اقتصاد إسلاميين، تقوم بترويج نموذج التمويل الإسلامي للعالم بلغات متعددة وبطرق مبسطة، تكون متاحة أمام صناع القرار والخبراء والباحثين الاقتصاديين في العالم. وأكد الولي ضرورة طرح نموذج إسلامي متكامل للبناء عليه وتكراره في دول إسلامية عدة بشكل تتكون معه منظومة اقتصادية إسلامية عالمية، وأشار إلى وجود اجتهادات إسلامية جيدة في قطاعات اقتصادية مهمة مثل المصارف والتأمين وأنظمة التمويل العقاري، لكنه رأى أنها تحتاج إلى آليات أكبر لدعمها أهمها وجود بنك مركزي إسلامي. عقبات كما أشار الولي إلى عقبات تعترض تعميم النموذج الإسلامي، أولاها ارتباطات اقتصاديات الدول الإسلامية بالنظام العالمي والاتفاقات الدولية، وتعامل مسئولي المؤسسات الإسلامية مع المسألة بيرقراطية، وليس كرسالة سامية ينشدون تعميمها. واختتم المحلل الاقتصادي كلامه بأن الاقتصاد العالمي ليس قائمًا على التجارة في النقود فقط؛ بدليل أن حجم التجارة السلعية العالمية بلغت العام الماضي 21.8 تريليون دولار مقابل 6.32 تريليونات في تجارة الخدمات، لكنه أقر بأن تنامي الاستثمار النقدي يزيد من مخاطر التعرض لأزمات مشابهة للأزمة الراهنة. الجزيرة نت 13 / 10 / 2008م
التعليقات
إرسال تعليقك